مجلة كليات التربية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فمن رحمة الله - تعالى- بعباده، ومن يُسْرِ الشريعة الإسلامية الغراء ما تقرر في مجال البيع من حق فسخ العقد بعد تمامه، تفادياً لما قد يلحق أحد المتعاقِديْن أو كليهما من حرج في هذا الحق وهو الخيار في البيع. وقد اهتمت الشريعة الإسلامية بمصالح العباد بما يكفل لهم الأمن والاستقرار، والمحافظة على العلاقات الاجتماعية فيما بينهم شّرِعَ الخيار؛ وذلك منعاً لوقوع الخصومة وجلباً للمصلحة، فالناس يبتاعون ويشترون حسْب ما قررته الشريعة، فما حرّمه الشارع يقفون عنده، وما أحله يتعاملون به. فالبيع اللازم متى وُجِدَ مستكملا لأركانه وشروطه وجب على العاقدين الرضى به بعد الاتفاق، ولا يجوز فسخه؛ لأنه قد يندم أحد المتعاقدين، مع أن البيع وقع خاليا من المنهيات والمحرمات، ومن هنا شُرِعَ خيار المجلس، فهو يثبت حق كلَّ من المتعاقدين على إمضاء العقد أو فسخه ما دام المجلس قائماً حتى يتمكن العاقدان من التروي، وإعطائهما فرصةً للتدقيق قبل الإمضاء على العقد أو فسخه. ولأهمية هذا الموضوع وما يحققه من مصالح ومقاصد جليلة، رأيت أن أكتب في البيوع تحت عنوان )خيار المجلس في البيوع( دراسة فقهيه مقارنة أجمعُ آراء العلماء القدامى والمحدثين ، ليكون البحث شاملاً لكل جزئياته وفروعه. ولا أدعي كتابة ما بُحِثَ في هذا الموضوع، إنما أحاول جمع ما كتبه السابقون قبلي، وذلك من خلال ذكر آرائهم وأدلتهم ومناقشتها بكل موضوعية للوصول إلى القول الراجح، الذي يدعمه الدليل القاطع والبرهان الساطع ما أمكنني ذلك. وقد قسمت هذا البحث إلى مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة على النحو الآتي: - المبحث الأول: مفهوم خيار المجلس لغة واصطلاحاً، والحكمة من مشروعيته. - المبحث الثاني: أنوع الخيار في البيوع. - المبحث الثالث: مذاهب الفقهاء في حكم خيار المجلس وأدلتهم، ومناقشتها وذكر الرأي الراجح. - الخاتمة: وذكرت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها. هذا وأسأل الله - تعالى - أن يوفقنا جميعاً للعلم النافع والعمل الصالح، إنه نعم المولى ونعم النصير.
جامعة الزاوية ©